الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

كلما ناجيتُ قلبكَ لا يُجيبْ

أنا يوسف يا أبتي

القصيدة كتبت في شهر مايو 1998 في معتقلات البحرين ... تحكي قصة طفل أحد المعتقلين في نفس الزنزانة التي أقطنها وقد فتح عينيه على الدنيا ووالده هناك .
هناك في المعتقل ..



أبتاه ..
شكواي الأليمة هذه
سيبثها وجع النداءْ
أبتاه لم (أحظى) بنور وجهك والضياء

***

أبتاه..
ليت شموع عينك تسطعُ
وشعاع جبهتك المنيرة يلمعُ
وخيوط شمسك تطلعُ
ولأجل عيني طفلك المحروم
من ذاك الحنانْ
ولأجل من ربته
راحات الشقاء بذا الزمان
ولأجل من ألقوه في
حضن الظلام بلا ضياءْ


***

أبتاه..
عينيِ تنظرُ
طفلاً صغيرا يمرحُ
وذراع والده حريرٌ لفه..
فيهيمُ فيه ويسرحُ
ويطير في الأفق العليِّ بقبلةٍ
وشفاه والده على خديهِ تتَّشحُ
فتشد راحته البريئة
لحيةَ الأبِ في دلالٍ
وفي وفاءْ

***

أبتاه..
كم من مرةٍ عيني تشاهد
حسرة أطفال حيّي يمرحونْ
فأتوقُ لو أني أخوضُ وألعبُ..
ما يلعبونْ
لكنْ أبي..
صعبٌ على الأحلامِ أن
تكسُو العيونْ..
فأرى لذاكَ الطفل والدهُ
يُداريهِ
وإذا اكتفى مرحاً
يناديهِ
"هيا إليَّ حبيبيَ الغالي"
حيناً يُقبلهُ..
وباللطفِ يحاكيهِ
أمّا أنا
وحدي..
تتلاطم الآهات في وجدي
ومدامعي شلال حزنٍ
فاضَ من عيني
منْ لي لِيمسحَ دمعتي؟
من لي يقبل وجنتي..
ما لي سوى لون الغروب يجفف حزني
كفي الصغيرة للإله
تقولُ: "خذ مني الدعاءْ"

***

أبتاه..
أَرْجَعَ ذلك الماضي وقلبي يكسرُ
فاليتم لي شبح مخيفْ
وتظلُّ حرب اليأسِ لي
وغبارها يتطايرُ
وإذا انجلى قطر الضبابِ
مدامعي تتحادرُ
وعلى تراب الهم يُرسمُ لي
طيفاً ملاكياً
لخدِّكَ يا أبي
فيصيرُ لي دفء الدواء


***

أبتاه...
ما لي كلما ناجيتُ قلبكَ لا يُجيبْ
أبتاه "مالِ" صباحك الممنوع عني والمغيبْ
أنسيت طفلك؟!
لا يراودني بأن أباً
سَينسىَ ذلك الطفلَ الحبيبْ
أبتي ظمئتُ فروِّني
فعناقك الأبويّ يَرْوِيني كماء السلسبيلْ
وحنانُكَ الأبويّ حُلماً مِنْ خيالي..
ليتني أحظى له أدنى سبيلْ
فبودِّ طِفلكَ لو يفوز بقبلة جمّاءَ
من فمكَ الخَميلْ
وبودِّ طفلك لو إلى الصدرِ الحنونِ تضمهُ
بذراعك الأبديّ
كي تنسيه أيام الشقاءْ
أبتاه..
يا أبتاه...

هناك 14 تعليقًا:

yaQoOt يقول...

و كأنني عشتُ ذلك الماضي الأليم
عند دمعٍِ يتقاطرُ حسرة من ذلك الأب السقيم
وأي فُراقِ كان يقسم القلب إلى شطرين
فشطرٌ منه يعانق الإبن الحبيب و شطرٌ منه مقيدٌ بين الحديد

فأيُ عناقِ كان يوم ميلاد الوليد


علي الملا
قلمك أثار الدمع
حفظ الله ذلك الوليد لوالدة

اقصوصه يقول...

اممم

مؤثره جدا

وقويه حد الالم!

ZooZ "3grbgr" يقول...

غريب ما كتبه انت وانا في تلك السنة

1998

تميزت لدي الان

بحزن كبير

الحــــر يقول...

جميل ومؤثر

بل رائعة الأبيات

دمت بخير
:)

Salah يقول...

مؤثره

الله يجازي كل ظالم

إمـرأة لا تُنسـى يقول...

أبدعت!
فعلا كلماتك جميلة ومؤثرة

الغدوف يقول...

تفيض ألماً

تقطر حزناً

معبرة للغاية

سلمت

سجينة الأحزان يقول...

قصيدة مؤلمة ومؤثرة جداً

حركت المشاعر بل أخدنا الى حيث كان

أبدعت كعادتك سيدي الفاضل

دمت بود

صوت الكويت يقول...

كتابة مميزه ومأثرة

أتيت متاخرة يقول...

شلعت قلبي يا علي

ودمعت عيوني
منين تييب انت الحجي ؟؟؟!!!

Paris يقول...

مسكين حراااام :(
تعور القلب

Paris يقول...

نفس الزنزانة التي "أقطنها"
توي منتبهة لهالكلمه
مافهمت
يعني انت كنت معاه بالسجن؟؟

علي حيدر النويسندي يقول...

هل اطلب واقول : هل من مزيد

حُـبي السَـرمدي يقول...

!! ومن ينسى تلك الفترة ~

كفاية اني رأيت امي ودموعها تنحدر والى الآن دموعها تتراى لي

ساعد الله قلوبنا على هذا الظلم

الحمدلله على سلامتك اخي ولو انها متاخرة

والله يفرج عن المعتقلين حاليا