الأربعاء، 19 مايو 2010

الحظ شيء من معجزاتي (الجزء 2)

تابعوا الجزء الأول من حلقة (الحظ.. من معجزاتي 1)

تابعت مع المسؤول الطيب مدة أسابيع .. إلى أن جاء اليوم الموعود وكان يوم الأربعاء بعد صلاة الظهر.. اتصل بي هو شخصيا .. لم أكن أمتلك هاتفا نقالا حينها لكنه اتصل وطلب منهم ان يبلغوني أن أتصل به للضرورة وكان هاتف المنزل (للاستقبال فقط)..
ما إن علمت باتصاله حتى انطلقت لأقرب هاتف (أبو عملة) وكان آنذاك أقرب هاتف في (خباز المقبرة) .. واتصلت به وأخبرني أن أتواجد في الوزارة يوم السبت تمام الساعة 8 قبل ان ياتي المراجعون وينشغل الموظفون بمتابعتهم.

(انشق حلقي) فرحا وتهليلا حتى أحسست أن نصف جمجمتي تريد أن تقع إلى الخلف إلا أنني امسكت الجزء العلوي لكي لا يسقط وأعدته إلى مكانه وقلت في قرارة نفسي ( إثقل شوي يا ولد الملا) ..
عدت إلى المنزل وأبغلت والدتي بالخبر السعيد واستبشرت هي الأخرى .. لم يكد ينتهي ذك الأسبوع الذي مر بطيئا جدا حتى جاء اليوم المنتظر .. توجهت قبل الموعد بنصف ساعة .. قرأت كل ما احفظ من الآيات والسور القصيرة .. ودخلت من بوابة الوزارة ..

لكني استغرب لما رأيت الحركة داخل الوزارة كانت شبه مشلولة .. لا أحد يتنقل في الممرات، معظم المكاتب خالية من الموظفين، رجل الأمن الذي كان يمنع أي مراجع من الدخول دون إذن مسبق لم يكن يكترث لتجوالي في ذلك المكان! ولم يكن ليجيب على اندهاشي بأي تعليق ، فقط كان ينظر إلي وأنا أنظر إليه وكنت أنتظر منه أن يسألني ما إذا كنت على موعد ولدي تصريح أم لا ؟ لكنه لم يفعل !
في هذه اللحظة فقط ازداد غروري وقلت في قرارة ذاتي بأن صاحبنا المسؤول ربما أبلغ الحارس مسبقا بقدومي، ولربما كان سبب جمود الحركة داخل الوزارة هو أنني أبكرت في تواجدي وحضرت قبل الموعد !
وبقيت أنتظر حتى حانت الساعة الثامنة .. لم يتغير الوضع ولم يزد عدد الموظفين بل نقص عدد بعضهم ! ولم يحظ المسؤول نفسه!
وصلت الساعة 8:30
وأيضا الساعة الآن 9
مرت الساعة 9:30 وبدأ طابور المراجعيت يلتئم ويزداد !

عند ذلك قررت أن أتجرأ وأسأل موظف البدالة عن سبب الجمود والكآبة هذا اليوم بالذات ! وأنا الذي كان هذا يوم فرحي وسروري استبشاري وكنت أخال بأن الوزارة في هذا اليوم ستشتعل بالأهازيج والورود المتناثرة ! فلماذا حتى المسؤول (....) الذي كلف على نفسه واتصل بي لم يحضر في الموعد ؟
بمجرد ان سألت الموظف وذكرت اسم المسؤول .. رأيته يقف فجأة .. ويقترب مني ويدعوني للجلوس بالقرب منه !
ازداد الغرور .. فلربما كان هذا الموظف يطع في معرفتي الشخصية بهذا المسؤول ! ويردني أن أقدمه له كنوع من التوصيات والمحسوبيات !

إلا أن الوضع اختلف حين قال بكل انكسار :

المسؤول الفلاني (....) تم عزله عن منصبه بقرار وزاري عاجل صباح هذا اليوم بسبب تورطه في فساد إداري رهيب فاحت رائحته النتنة حتى اختنق بها جميع (الكبارية) في الوزارة فقرروا عزله ومن استعان بهم ومن عملوا تحت عباءته) !!
هنيئا لي ..
أنا شخصيا أقول .. ربما أستحق التقدير والشكر من الوزير شخصيا .. فلولا (حظي العاثر) لما سقط رأس الفساد في تلك الوزارة !!

أستاهل شهادة (ولاء للوطن ) لو لا ؟؟؟

الثلاثاء، 18 مايو 2010

الحظ.. من معجزاتي (1)


الحظ شيء من معجزاتي (الجزء 1 )

الحظ .. هو العملة الصعبة في السوق السوداء من هذه الحياة ..
لا أبالغ حين أقول لكم بأنني سطرت بكراماتي المتفانية ملاحم من المعجزات والإطراءات في عصر انكماش المعجزات.. حين تخرجت من الدراسة ، توجهت مباشرة لأول وزارة (...) طرأ اسمها على تفكيري .. وقدمت أوراقي وملأت الاستمارة واصطففت في الطابور ... وبدأت رحلة المتابعة والمراجعات بشكل دوري لهذه الوزارة حيث كانت تعجّ بالمراجعين والعاطلين، ولم أكن رقما مقروءا من بين تلك الجموع الغفيرة .. لذلك تسلل إلى زوايا قلبي شيء من اليأس بأنني سأكون في آخر الطابور ولن أنال من تلك الوزارة حتى فتات العظام النخرة ..
ذات يوم، بدأ إعجاز الكرامات الإيمانية (بدون رياء) يأخذ مفعوله، لا أدري فلربما كان لـ(وسامتي حين كنت شابا) دور في أن يبتسم لي الحظ وأن يستخلصني رئيس قسم التوظيف من بين جميع المراجعين المحتشدين وكأنهم (مجاعة أفريقيا) يصطفون في طابور طويل يطالبون بمؤونتهم المقسومة .. رأيته يقترب مني ويبتسم في وجهي ويسألني عن اسمي .. فأجبته، فقال لي تعال معي ..

ذهبت معه إلى مكتبه .. كان مكتبا فارها خيل إليّ أنه مكتب الوزير بذاته.. فكل فقير (منزهق) ، اعتدنا أن نرى أفخم المكاتب في مدارسنا عبارة عن طاولة من الحديد الصديء وكرسي كسرت إحدى سيقانه وتمزق جلده المسكين ربما بسبب عدم مقدرته على استعياب بعض المدرسين الذين لايرحمون الجو العام ولا يرضيهم بقاء الأوكسجين في الغرفة مسيطرا ، وكانوا لا يألون جهدا بأن يعكروا صفو غرفهم بما يفرزونه من غازات طبيعية قد تكون سامة وتكون أحيانا ذات صوت نتيجة الاحتراق الداخلي – كما درسنا في علم الميكانيكا- وربما يفرز دخانا إن لزم الأمر!

أستغفر ربي ، فلربما أسأت الظنون بهؤلاء المدرسين، فقد يكون هدفهم (دعم الاقتصاد الوطني) في تصدير الغاز الطبيعي للمناطق المفتقرة لهذه الموارد الإلهية .. فالصومال – بحسب اعتقادي – محرومة من ثقافة الغازات من شدة جوعها وجفاف عقيرتها من الماء والغذاء ..

جلست أمام ذلك المسؤول وتبسم ثغري بكل ارتياح .. أخذ معلومات طلبي المقدم للوزارة، واتصل إلى (الكنترول) واستخرج رقم طلبي، رأيته متبسما وكأنه قد رأف بوضعي فكان يود مساعدتي بكل وضوح حين قالها لي، عندئذ تراجعت عن غروري الذاتي بأن ربما كانت وسامتي هي سبب انتقائه لي من بين كل تلك الرؤوس، إنما أيقنت أن (فانيلة جاسم) التي اندلع جيبها على أحد الكتفين وبانت بقع (الكلوركس) في إحدى زواياها أسفل الإبط،، وكذلك (نعال kitto) الذي بدأ (مسحولا) عند الإصبع الكبير من القدم حيث أنني لم أكن أرأف بحال هذا النعال ولا أشفق عليه حين أضعه في إطار دراجتي الهوائية عوضا عن استخدام (الفرامل) ، هاتين الماركتين الشهيرين في أوساط الشباب البحراني في زماننا قد تفيدان لاستعطاف قلوب الكبار على الصغار ! في حين أن الناس كانت تعيبهما...

وعدني بأنه سيعمل شخصيا على تسيير أموري وأن يجد لي الوظيفة الملائمة خلال أقرب فرصة على ان أتابع مع مجريات الأمور بالهاتف المباشر! ولم أكن أصدق هذا الأمر .. فخرجت من مكتبه وعلامات الاستعلاء والغرور تطفح على ملامحي وإن كان عبثا محاولاتي لإخفاءها خوفا من (عين الحسود) ... وكانت الجماهير تفتح أفواهها تجاهي مستغربة وتكاد أعينهم تأكل جسدي المبارك حسدا ..

تابعونا ...