واللحن الرقيقِ
سمراء ...
.
قررنا في يوم من الأيام أن نغامر ونسافر عن طريق السيارة إلى القطيف .. ورتبنا الأمر أنا وصديقي السيد ناصر (الرادود) واثنين من منطقة كرباباد لأن أحدهما كانت لديه رخصة سياقة .. فرتبنا كل أمورنا واحتياجاتنا ، وبقي كيف سنعرف الطريق المباشر والأسهل إلى القطيف دون متاهات؟
سألنا صديقنا (علي مكي) الذي كان (شاطرا) في رسم الخرائط وبالفعل رسم لنا خريطة مبسطة تدلنا إلى المنطقة التي نريدها (الدخل المحدود) وهي منطقة تقع بالقرب من سنابس و تاروت بالقطيف ..
وضع لنا بعض العلامات المهمة التي سنمر عليها بالسيارة أثناء رحلتنا لنستدل جيدا على الطريق، وكان من ضمن هذه العلامات (إعلان كبير لشركة بيبسي) وأخبرنا بأننا في حال وصلنا إلى هذا الإعلان الضخم جدا جدا فإنه يجب علينا أن ننعطف يمينا وندخل إلى الجسر الذي يؤدي إلى المنطقة المراد الوصول إليها ..
انطلقنا ... تخطينا جملة من الجسور المرسومة في الخارطة .. ودخلنا لبعض الشوارع المذكورة والمنحنيات والمفترقات أيضا .. وبالفعل لمحنا من البعيد (لوحة إعلان البيبسي) التي ذكرناها سابقا .. وانطلقنا بأسرع ما يمكن بتلك السيارة العجيبة (داتسون موديل قبل الإسلام) .. وكانت السرعة وصلت إلى أكثر من الحد الممكن لها بحيث وصلنا إلى (100 كليو ) !! وكان الدخان ينبعث من السيارة التي لم تعتد أبدا على هكذا إجهاد .... فقطعنا مسافة طويلة ولم نقترب بعد من هذه اللوحة ..
من الطبيعي جدا أن ترى الأجسام الكبيرة جدا من بعيد وتتخيلها بأنها قريبة منك ، فكلما زدت من سرعتك ظننت أنك تقترب إلا أنك ترى المسافة تطول وتطول .. لكن لا تيأس أبدا .. فلربما تصل في لحظة من اللحظات إلى هذا الجسم الذي تتبعه ..
لكن لا تكن كما كنا .. فنحن نمتلك من الأمل الكثير .. ولم نيأس ونحن ننطلق كالسهم الطائش نحو هذه اللوحة الإعلانية الضخمة التي بدأت تبتعد عنا بدلا من أن تقترب ..
وبدأ النهار يتلاشى وتحمرّ السماء إيذانا منها بقرب حلول المغرب .. ونحن لازلنا نحمل من الأمل الكثير .. ونتبع اللوحة .. مرت حوالي نصف ساعة ولم نصل .. لكن بلطف الله ورعايته وصلنا أخيرا إليها .. إلا أننا لم نجد المنعطف اليمين الذي سيؤدي بنا إلى القطيف .. فقد اكتشفنا أننا ابتعدنا عن القطيف مسافة 50 كيلو متر ولم يتبق عن وصولنا إلى منطقة (الجبيل ) إلى 20 كيلو تقريبا ونحن منهكون جدا !!
كل ذلك بسبب هذه اللوحة الدعائية التي كنا نرغب في الوصول إليها ..لأننا لحقنا بلوحة البيبسي المعلقة خلف شاحنة تنقل عبوات منتجات الشركة إلى الجبيل .. فتبعناها ...
انصرع من القهقهات صديقنا القطيفي (وتدحن) ..
قال بأن الشارع أولا يسمى (أبو حدرية) وليس (حيدرية) .. ثانيا بأن الطريق الذي رسمه علي مكي في الخارطة لا يمر بهذا الشارع أبدا لأنه يؤدي بكم إلى دولة الكويت في نهايته !!
أسافر نحو الرحيل
ونحو الفراق
ولا أحمل اليوم زاداً
كزاد الأمل ..
أسافر نحو علا المستحيل
سأهجر قارب حلمي
سأترك قيثارة الأمنيات
وأحمل همي
وأذهب ..
أذهب
وأترك ذاكرتي في يديك
وأهجر قارب حلمي
على ضفتيك
سأرحل دون رجوع
ولن أنظر المستحيل
سأهرب
لا من رجوع
وأوصيك من كل عيني
بأن الجفاء سينسيك اسمي
لأدعو بأن يطبع الحب
اسمي
على شفتيك
لأني ..
سأهرب منك إليك ....
.